الجمعة، ٧ ربيع الآخر ١٤٣٠ هـ

رسالة من مناضل بالحركة الطلابية إلى تلميذ مناضل من أجل القضية الفلسطينية

المصدر : الطلبة الثوريون

تحية حب ونضال.
خرجتَ إلى الشارع غضبا وحرقة على ما يجري بغزة فلسطين. حرقة على دماء أطفال ونساء وشعب فلسطين غزة وحرقة على هذا الصمت المتواطئ لكل الأنظمة العربية التي لم تبادر إلى إرسال الجيوش لنجدة شعب يقتل أمام أنظار كل العالم. كانت الحرقة تزداد مع كل قطرة دم تسفك وكل روح تزهق. كيف للحياة أن تستمر عادية رتيبة هادئة فيما يواجه أقران لنا عدوانا صهيونيا جبانا؟ هكذا جاء اجتياحنا الشارع وثمة التقينا. كان المناضل الثوري غيفارا يقول دائما «أشعر أني أتلقى الصفعة ذاتها التي يتلقاها أي إنسان في أي مكان من العالم». فماذا لو كان ذلك الإنسان شعبا بأكمله وكانت الصفعة احتلالا وتشريدا وتقتيلا مستمرا منذ أزيد من ستين(60) عاما.
الغضب.. الحرقة.. واجتياح الشوارع. هكذا ينبغي أن يكون رد الشبيبة بالمدارس والجامعات. وهكذا كان. على طول خارطة المغرب توقفت الدراسة وهُجرت المدارس ونظم الشباب مسيرات صرخوا فيها احتجاج وتضامنا وحبا وسقط الطالب عبد الرزاق الكاديري بمراكش على يد قوات القمع المغربية، ليلتحق بركب زبيدة خليفة و سناء مبروك وكرينة، شهيدا وشاهدا على وحدة الدم والهم المغربي الفلسطيني. وفي ذروة هذا الغضب كان ينطرح دوما نفس السؤال: كيف نساهم، وبفاعلية، في وقف المجزرة الصهيونية وفي تحرر الشعب الفلسطيني؟ واليوم وبعد أن توقف مؤقتا العدوان على غزة لازالت تلك الأسئلة مطروحة وستظل كذلك مادمت فلسطين تحت الاحتلال. إننا نؤمن أن رسم طريق أي نضال يتطلب وعيا بالقضية المراد النضال من أجلها. والنضال من أجل القضية الفلسطينية يقتضي فهما دقيقا لأهداف نضال الشعب الفلسطيني ولطبيعة القوى المتدخلة في الصراع الصهيوني الفلسطيني ومصالحها المتداخلة أو المتناقضة.التقينا في ساحة النضال. ولأننا نتقاسم وإياك حرارة المشاعر نفسها وحرقة الأسئلة ذاتها، أود أن نتقاسم أيضا عددا من الأفكار التي تكونت لدي من خلال نضالي بالحركة الطلابية ومن خلال اهتمامي بالقضية الفلسطينية وقضايا الشعوب التواقة إلى الحرية والكرامة.إني لا أزعم أني سأقدم إجابات عن كل ما قد يتبادر إلى ذهنك من أسئلة، غير أني أعتقد أن النقاش الحالي مدخل ضروري لتقييم نضالاتنا الحالية وتَلَمُّس آفاق معاركنا المشتركة القادمة.
ما هي الصهيونية؟
الصهيونية حركة عنصرية استعمارية وضعت كهدف لها إقامة دولة يهودية عبر تجميع كل اليهود الموزعين عبر العالم منذ 2000 سنة على ارض فلسطين. وبما أن فلسطين ملك لشعبها العربي فقد كانت الصهيونية تعني بالضبط طرد الشعب العربي الفلسطيني من ارضه بكل الوسائل بما في ذلك الأكثر وحشية. وتقوم الإيديولوجية الصهيونية على قراءة خاصة لبعض تعاليم الثوراة هما «الأرض الموعودة» و« شعب الله المختار». وظهرت هذه الإيديولوجية، نهاية القرن 19، في صفوف البرجوازية الكبرى ذات الأصل اليهودي. وطرحت مشروعها على القوى الاستعمارية الكبرى في العالم حينها لاسيما بريطانيا. هذه الأخيرة، التي كانت وقعت سنة 1916 معاهدة سرية مع فرنسا حول تقسيم الشرق الأوسط (الواقع حينها تحت الاحتلال العثماني لتركيا)، رأت في الصهاينة حليفا ضد القومية العربية الناشئة فقدم لهم "بلفور" وزير خارجية بريطانيا وعدا غدا يعرف ب "وعد بلفور" يقضي بدعمهم من أجل خلق «وطن قومي للشعب اليهودي». وبالفعل وبعد احتلال بريطانيا لفلسطين بعيد الحرب العالمية الاولى شجعت السلطات الاستعمارية هجرة اليهود إلى فلسطين. وخلال سنوات طويلة واصل أثرياء الصهاينة شراء الأراضي الزراعية من مالكيها الأثرياء العرب. وبعد أن أحس الفلاحون الفقراء الفلسطينيون بالخطر الذي يمثله ذلك انتفضوا سنة 1936 من خلال إضراب عام دام ستة أشهر كاملة. ويوم 29 نونبر1947 ستصادق منظمة الأمم المتحدة على قرار رقم 181 قاضي بتقسيم فلسطين بين العرب والمستوطنين اليهود. وقد دافعت القوى الامبريالية عن القرار لرغبتها في ايجاد موطئ قدم في الشرق الأوسط بهدف مراقبة عن كثب للثروات البترولية في المنطقة دون اللجوء الى الاستعمار المباشر. وقبل ستالين زعيم الاتحاد السوفياتي و"المعسكر الشرقي" هو الآخر قرار التقسيم الذي سيمنح 57% من أرض فلسطين لمستوطنين يهود قدموا لتوهم ولا يمثلون سوى نصف السكان العرب الأصليين. لم يكن ذلك بالنسبة للصهاينة سوى البداية. فهم لم يكونوا يقبلون بأقل من تصفية كاملة للشعب الفلسطيني ودفعه الى الهجرة خارجا. هكذا نظموا مجازر رهيبة ضد الشعب الفلسطيني انطلاقا من سنة 1948 ومنها مذبحة دير ياسين يوم 9ابريل 1948. وفي 15 ماي 1948 غادرت بريطانيا فلسطين فأعلن الصهيوني "بن غوريون" تأسيس كيان صهيوني سمي "إسرائيل" دون حتى أن يعطي لهذا الكيان حدودا. الأمر الذي أجبر الدول العربية (الأردن ومصر والعراق) إلى خوض أول حرب ضد العدو الصهيوني وكانت النتيجة احتلال "اسرائيل" 80% من ارض فلسطين والتجاء 800000 فلسطيني الى 20% المتبقية والى الدول المجاورة كالأردن ولبنان ولم يتبق بالأراضي المحتلة إلا 150000 عانوا ولازالوا اضطهادا وتمييزا رهيبين ويعرفون اليوم بعرب الداخل أو فلسطينيي 1948.ويوم 5 يونيو من سنة 1967 فاجأت إسرائيل الدول العربية بحرب عرفت بحرب الأيام الستة هزمتهم واستولت على كامل ارض فلسطين: الضفة الغربية وقطاع غزة (التابعتين إداريا حينها لكل من الأردن ومصر) وأضافت إليهما سيناء المصرية والجولان السوري. لكن غالبية الفلسطينيين، وعكس ما جرى في 1948، لم يغادروا أغلبهم وبقوا متشبثين بأرضهم. كان هذا فوق توقع الصهاينة وافسد عليهم فرحهم بالانتصار العسكري. لقد عمق صمود الفلسطينيين التناقض بين المشروع الصهيوني لإقامة دولة يهودية في فلسطين ووجود شعب على تلك الأرض رافض للتخلي عن حقوقه الوطنية.
الصهيونية واليهودية هل هما نفس العدو؟
الصهيونية إذن حركة عنصرية استعمارية استعملت الدين اليهودي لتبرير اغتصابها لأرض عربية وتقتيل شعبها وارتكزت على التقاء أهدافها مع مصالح القوى الامبريالية الكبرى لاسيما بريطانيا في البداية ثم الامبريالية الأمريكية فيما بعد. وهو ما يعني أن العدو هو دولة الكيان الصهيوني المدعوم من القوى الامبريالية وليس اليهودية بما هي دين. فكبقية الأديان ليست اليهودية ولن تكون أبدا مع القتلة والمغتصبين. وقادة الحركة الصهيونية لم يكونوا حاخامات (رجال الدين اليهود) ولم يكونوا حتى من المؤمنين باليهودية نفسها. كانوا برجوازيين كبار من أصل يهودي همهم مثل بقية البرجوازيين السعي وراء اكبر الأرباح المادية. وتكفي في نظرنا الاعتبارات التالية للحكم على صدق إيمانهم وعلى طبيعة العلاقة بين الصهيونية والدين اليهودي:
1-لم تكن فلسطين "الأرض الموعودة" المزعومة هي أول بلد اقترحه الصهاينة لإقامة "وطن قومي لليهود". فقد طرحوا في البداية بلدين هما الأرجنتين و أوغندا قبل أن يهتدوا إلى فلسطين لموقعها الاستراتيجي ولضرورة التحالف مع القوى الاستعمارية. 2-عارض الحاخامات اليهود الصهيونية واعتبروها غريبة عن الدين اليهودي وحدا حدوهم غالبية اليهود في البداية. لكن الأمر سيتغير وستجد دعوة الصهيونية لإقامة "وطن لليهود بفلسطين" صدى واسعا لدى اليهود الأوروبيين أساسا. ولم يكن ذلك نتيجة صحوة دينية لديهم جعلتهم يشدون الرحال لـ"الأرض الموعودة" بل هربا من الاضطهاد المسلط عليهم هناك والذي وصل مداه مع المحرقة النازية لليهود الشهيرة. ولأن كل دول أوربا التي تدعي الديمقراطية رفضت استقبالهم استقل عدد متزايد من اليهود الهاربين من بطش النازية قارب الصهيونية. 3-طبعا كل ذلك لا يمكن أن يبرر اغتصاب فلسطين ولا أن يمنح المستوطنين ظروف التخفيف. وهو الأمر ذاته الذي يتشبث به إلى اليوم عبر بقاع العالم العديد من اليهود أنفسهم ومنهم حاخامات يهود مناهضون للصهيونية أصبح تواجدهم في كل المظاهرات المنددة بالعدوان على فلسطين مألوفا لاسيما ببريطانيا حيث يتقدمون المسيرات بقبعاتهم وضفائرهم المنسدلة حاملين الإعلام الفلسطينية متبرئين من جرائم الصهيونية عبر شعارهم الأثير:«ليس باسمنا!».
إن العدو هو الصهيونية-وحلفاؤها الامبرياليون وعملاؤها من "عرب أمريكا"- التي اغتصبت الأرض وشردت الأهل وقتَّلت الأطفال وليس الدين اليهودي. والقول إن الصراع هو بين المسلمين واليهود، كما يحلو لابن لادن وأتباعه وأشباهه، هو أمر خاطئ ويصب في صالح المنطق الصهيوني وضار بالقضية الفلسطينية. ويكفي لتوضيح الأمر أن نضيف على ما قلناه أعلاه أمران بسيطان لكنهما في غاية الأهمية:
1-الشعب الفلسطيني العربي لا يضم مسلمين فقط بل وأيضا مسيحيين وكلهم كاره للاحتلال مقاوم له بنفس الحَمِيَّة. وأرض فلسطين العربية ومثلما تضم القدس أحد أهم مقدسات المسلمين فهي تضم أهم المقدسات المسيحية على الإطلاق عَنَينا كنيسة المهد وكنيسة القيامة. 2-أصحاب القضية والمناضلون من اجلها ومناصروها إذن بينهم المسلم والمسيحي واليهودي أيضا. فلا ننسين أبدا كل تلك التظاهرات المتعددة الأعراق والأديان والألوان التي انطلقت في كل بقاع العالم إدانة للكيان الصهيوني وتضامنا مع الشعب الفلسطيني. وأعداء القضية (الصهيونية وحلفاؤها وعملاؤها) كذلك بينهم اليهودي والمسيحي والمسلم أيضا. أو ليس مبارك وعبد الله حسين وآل سعود..إلى آخر قائمة العمالة مسلمين؟
عدو واحد معركة واحدةإن عمالة الأنظمة العربية للكيان الصهيوني ليست محط جدال. لكن لا بأس أن نذكر بأهم محطاتها: فحتى قبل أن يعلن الصهاينة قيام دولة "إسرائيل" سنة 1948 دشن الملك الأردني مسلسل خيانة القضية الفلسطينية بلقاء مع زعيمة الصهاينة غولدا مايير اتفقا خلاله على نصيب كل منهما من فلسطين التاريخية. وسيعود الملك حسين في سبتمبر/ايلول 1970 لمحاصرة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وقتل أزيد من 3500 منهم وطرد المقاتلين الفلسطينيين من "أرضه". أما السادات المصري فقد كان سباقا من جهته للهرولة لتطبيع العلاقة مع الكيان الصهيوني عبر توقيعه لمعاهدة كامب ديفد سنة 1978 وعلى دربه سار مبارك الحريص على مواصلة احكام الطوق على الشعب الفلسطيني بطرق عديدة أوضحها اليوم إغلاقه المستمر لمعبر رفح. ومن جهته عمل نظام الحسن الثاني على دعم المشروع الصهيوني بكل ما أوتي من جبروت ونذكر هنا بعملية التهجير المكثف لليهود المغاربة إلى إسرائيل. غير ان الحكام العرب وهم يقدمون جميع أشكال الدعم للكيان الصهيوني لا يتوقفون عن ذرف الدموع على الضحايا من الشعب الفلسطيني وهو أمر لا يتفوق فيه عليهم إلا قادة الكيان الصهيوني أنفسهم المتحسرون نفاقا على الأطفال المقتلين.الأنظمة العربية الرجعية مستعدة، وضدا على إرادة الشعوب بالمنطقة، للقيام بأي شيء تفرضه مصالح أسياد نعمتها الامبرياليين بأمريكا وأوربا. والامبريالية حريصة على الكيان الصهيوني الذي خلقته من عدم ومتحالفة معه. ويقوم التحالف على لعب "إسرائيل" لدور دركي ضد كل صبوات التحرر بالمنطقة الحبلى بالثروات النفطية مقابل الحماية والدعم المادي السخي. والمثال الابرز لدور الدركي هذا جسدته "إسرائيل" منذ 1956 خلال العدوان الثلاثي (بمعية فرنسا وبريطانيا) على مصر حين أعلن جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس، وتواصل تجسيده اليوم عبر انخراطها في حرب الامبريالية ضد ما تسميه الإرهاب.
إن ترابط المصالح بين والصهيونية والامبريالية والرجعيات العربية هو ما يفسر التاريخ الطويل لخيانة الأخيرة لقضية الشعب الفلسطيني. وهو أيضا ما يعني ان النضال من اجل القضاء على الكيان الصهيوني واستعادة الشعب الفلسطيني لأرضه وحريته هو نضال من اجل تحرر كل شعوب المنطقة من التبعية للامبريالية. كما أن معركة كل شعوب المنطقة ضد أنظمتها الاستبدادية العميلة وفي سبيل الحرية والكرامة والسيادة الوطنية تصب في صالح تحسين موازين القوى بالمنطقة لصالح الشعب الفلسطيني. إن نهاية الكيان الصهيوني غير ممكنة دون أن تتملك شعوب المنطقة مصير بلدانها وخيراتها. أي دون ان تصفي الحساب، ثوريا، مع أنظمة القهر والعمالة القائمة بقوة القمع. ولنأخذ العبرة مما يقع في فنزويلا هوغو تشافيز الواقعة في الجانب الآخر من المحيط الأطلسي. ليس صدفة ان يكون هذا البلد الداخل في سيرورة ثورية مناهضة للامبريالية هو من أقدم على أهم خطوة يقوم بها نظام سياسي في العالم حين طردَ سفير الكيان الصهيوني. ولا شك أن أنظمة ديمقراطية حقا ومناهضة حقا للامبريالية وللتبعية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستقوم بأكثر من طرد سفير. إن أنظمة تعبر حقا عن مصالح ومطامح شعوبها في المنطقة ستعمل بلا تردد على دعم مقاومة الشعب الفلسطيني بكل ما تستطيع بما في ذلك الدعم المالي والعسكري، وستعلن الحرب على الكيان الصهيوني مع أول قطرة دم فلسطينية تسفك.
هذا هو الطريق في اعتقادنا. التضامن مع نضال الشعب الفلسطيني ينبغي أن يستمر ويتواصل وألا يغيب عن البال وحدة المعركة ووحدة العدو بين شعوب كل المنطقة: الإمبريالية والصهيونية والأنظمة العربية الرجعية. وفي هذه المعركة ينبغي أن نعي أن كل المناهضين للاستغلال والاضطهاد وللامبريالية وللرأسمالية والعنصرية عبر العالم بأسره هم رفاق درب ونضال أيا يكن لونهم أو عرقهم أو جنسهم أو دينهم. حميد العزيزي، فصيل «الطلبة الثوريون»، الاتحاد الوطني لطلبة المغربتحية حب ونضال.
خرجتَ إلى الشارع غضبا وحرقة على ما يجري بغزة فلسطين. حرقة على دماء أطفال ونساء وشعب فلسطين غزة وحرقة على هذا الصمت المتواطئ لكل الأنظمة العربية التي لم تبادر إلى إرسال الجيوش لنجدة شعب يقتل أمام أنظار كل العالم. كانت الحرقة تزداد مع كل قطرة دم تسفك وكل روح تزهق. كيف للحياة أن تستمر عادية رتيبة هادئة فيما يواجه أقران لنا عدوانا صهيونيا جبانا؟ هكذا جاء اجتياحنا الشارع وثمة التقينا. كان المناضل الثوري غيفارا يقول دائما «أشعر أني أتلقى الصفعة ذاتها التي يتلقاها أي إنسان في أي مكان من العالم». فماذا لو كان ذلك الإنسان شعبا بأكمله وكانت الصفعة احتلالا وتشريدا وتقتيلا مستمرا منذ أزيد من ستين(60) عاما.
الغضب.. الحرقة.. واجتياح الشوارع. هكذا ينبغي أن يكون رد الشبيبة بالمدارس والجامعات. وهكذا كان. على طول خارطة المغرب توقفت الدراسة وهُجرت المدارس ونظم الشباب مسيرات صرخوا فيها احتجاج وتضامنا وحبا وسقط الطالب عبد الرزاق الكاديري بمراكش على يد قوات القمع المغربية، ليلتحق بركب زبيدة خليفة و سناء مبروك وكرينة، شهيدا وشاهدا على وحدة الدم والهم المغربي الفلسطيني.
وفي ذروة هذا الغضب كان ينطرح دوما نفس السؤال: كيف نساهم، وبفاعلية، في وقف المجزرة الصهيونية وفي تحرر الشعب الفلسطيني؟
واليوم وبعد أن توقف مؤقتا العدوان على غزة لازالت تلك الأسئلة مطروحة وستظل كذلك مادمت فلسطين تحت الاحتلال. إننا نؤمن أن رسم طريق أي نضال يتطلب وعيا بالقضية المراد النضال من أجلها. والنضال من أجل القضية الفلسطينية يقتضي فهما دقيقا لأهداف نضال الشعب الفلسطيني ولطبيعة القوى المتدخلة في الصراع الصهيوني الفلسطيني ومصالحها المتداخلة أو المتناقضة.
التقينا في ساحة النضال. ولأننا نتقاسم وإياك حرارة المشاعر نفسها وحرقة الأسئلة ذاتها، أود أن نتقاسم أيضا عددا من الأفكار التي تكونت لدي من خلال نضالي بالحركة الطلابية ومن خلال اهتمامي بالقضية الفلسطينية وقضايا الشعوب التواقة إلى الحرية والكرامة.
إني لا أزعم أني سأقدم إجابات عن كل ما قد يتبادر إلى ذهنك من أسئلة، غير أني أعتقد أن النقاش الحالي مدخل ضروري لتقييم نضالاتنا الحالية وتَلَمُّس آفاق معاركنا المشتركة القادمة.
ما هي الصهيونية؟
الصهيونية حركة عنصرية استعمارية وضعت كهدف لها إقامة دولة يهودية عبر تجميع كل اليهود الموزعين عبر العالم منذ 2000 سنة على ارض فلسطين. وبما أن فلسطين ملك لشعبها العربي فقد كانت الصهيونية تعني بالضبط طرد الشعب العربي الفلسطيني من ارضه بكل الوسائل بما في ذلك الأكثر وحشية. وتقوم الإيديولوجية الصهيونية على قراءة خاصة لبعض تعاليم الثوراة هما «الأرض الموعودة» و« شعب الله المختار». وظهرت هذه الإيديولوجية، نهاية القرن 19، في صفوف البرجوازية الكبرى ذات الأصل اليهودي. وطرحت مشروعها على القوى الاستعمارية الكبرى في العالم حينها لاسيما بريطانيا. هذه الأخيرة، التي كانت وقعت سنة 1916 معاهدة سرية مع فرنسا حول تقسيم الشرق الأوسط (الواقع حينها تحت الاحتلال العثماني لتركيا)، رأت في الصهاينة حليفا ضد القومية العربية الناشئة فقدم لهم "بلفور" وزير خارجية بريطانيا وعدا غدا يعرف ب "وعد بلفور" يقضي بدعمهم من أجل خلق «وطن قومي للشعب اليهودي». وبالفعل وبعد احتلال بريطانيا لفلسطين بعيد الحرب العالمية الاولى شجعت السلطات الاستعمارية هجرة اليهود إلى فلسطين. وخلال سنوات طويلة واصل أثرياء الصهاينة شراء الأراضي الزراعية من مالكيها الأثرياء العرب. وبعد أن أحس الفلاحون الفقراء الفلسطينيون بالخطر الذي يمثله ذلك انتفضوا سنة 1936 من خلال إضراب عام دام ستة أشهر كاملة.
ويوم 29 نونبر1947 ستصادق منظمة الأمم المتحدة على قرار رقم 181 قاضي بتقسيم فلسطين بين العرب والمستوطنين اليهود. وقد دافعت القوى الامبريالية عن القرار لرغبتها في ايجاد موطئ قدم في الشرق الأوسط بهدف مراقبة عن كثب للثروات البترولية في المنطقة دون اللجوء الى الاستعمار المباشر. وقبل ستالين زعيم الاتحاد السوفياتي و"المعسكر الشرقي" هو الآخر قرار التقسيم الذي سيمنح 57% من أرض فلسطين لمستوطنين يهود قدموا لتوهم ولا يمثلون سوى نصف السكان العرب الأصليين. لم يكن ذلك بالنسبة للصهاينة سوى البداية. فهم لم يكونوا يقبلون بأقل من تصفية كاملة للشعب الفلسطيني ودفعه الى الهجرة خارجا. هكذا نظموا مجازر رهيبة ضد الشعب الفلسطيني انطلاقا من سنة 1948 ومنها مذبحة دير ياسين يوم 9ابريل 1948.
وفي 15 ماي 1948 غادرت بريطانيا فلسطين فأعلن الصهيوني "بن غوريون" تأسيس كيان صهيوني سمي "إسرائيل" دون حتى أن يعطي لهذا الكيان حدودا. الأمر الذي أجبر الدول العربية (الأردن ومصر والعراق) إلى خوض أول حرب ضد العدو الصهيوني وكانت النتيجة احتلال "اسرائيل" 80% من ارض فلسطين والتجاء 800000 فلسطيني الى 20% المتبقية والى الدول المجاورة كالأردن ولبنان ولم يتبق بالأراضي المحتلة إلا 150000 عانوا ولازالوا اضطهادا وتمييزا رهيبين ويعرفون اليوم بعرب الداخل أو فلسطينيي 1948.
ويوم 5 يونيو من سنة 1967 فاجأت إسرائيل الدول العربية بحرب عرفت بحرب الأيام الستة هزمتهم واستولت على كامل ارض فلسطين: الضفة الغربية وقطاع غزة (التابعتين إداريا حينها لكل من الأردن ومصر) وأضافت إليهما سيناء المصرية والجولان السوري.
لكن غالبية الفلسطينيين، وعكس ما جرى في 1948، لم يغادروا أغلبهم وبقوا متشبثين بأرضهم. كان هذا فوق توقع الصهاينة وافسد عليهم فرحهم بالانتصار العسكري. لقد عمق صمود الفلسطينيين التناقض بين المشروع الصهيوني لإقامة دولة يهودية في فلسطين ووجود شعب على تلك الأرض رافض للتخلي عن حقوقه الوطنية.
الصهيونية واليهودية هل هما نفس العدو؟
الصهيونية إذن حركة عنصرية استعمارية استعملت الدين اليهودي لتبرير اغتصابها لأرض عربية وتقتيل شعبها وارتكزت على التقاء أهدافها مع مصالح القوى الامبريالية الكبرى لاسيما بريطانيا في البداية ثم الامبريالية الأمريكية فيما بعد. وهو ما يعني أن العدو هو دولة الكيان الصهيوني المدعوم من القوى الامبريالية وليس اليهودية بما هي دين. فكبقية الأديان ليست اليهودية ولن تكون أبدا مع القتلة والمغتصبين. وقادة الحركة الصهيونية لم يكونوا حاخامات (رجال الدين اليهود) ولم يكونوا حتى من المؤمنين باليهودية نفسها. كانوا برجوازيين كبار من أصل يهودي همهم مثل بقية البرجوازيين السعي وراء اكبر الأرباح المادية. وتكفي في نظرنا الاعتبارات التالية للحكم على صدق إيمانهم وعلى طبيعة العلاقة بين الصهيونية والدين اليهودي:
1-لم تكن فلسطين "الأرض الموعودة" المزعومة هي أول بلد اقترحه الصهاينة لإقامة "وطن قومي لليهود". فقد طرحوا في البداية بلدين هما الأرجنتين و أوغندا قبل أن يهتدوا إلى فلسطين لموقعها الاستراتيجي ولضرورة التحالف مع القوى الاستعمارية.
2-عارض الحاخامات اليهود الصهيونية واعتبروها غريبة عن الدين اليهودي وحدا حدوهم غالبية اليهود في البداية. لكن الأمر سيتغير وستجد دعوة الصهيونية لإقامة "وطن لليهود بفلسطين" صدى واسعا لدى اليهود الأوروبيين أساسا. ولم يكن ذلك نتيجة صحوة دينية لديهم جعلتهم يشدون الرحال لـ"الأرض الموعودة" بل هربا من الاضطهاد المسلط عليهم هناك والذي وصل مداه مع المحرقة النازية لليهود الشهيرة. ولأن كل دول أوربا التي تدعي الديمقراطية رفضت استقبالهم استقل عدد متزايد من اليهود الهاربين من بطش النازية قارب الصهيونية.
3-طبعا كل ذلك لا يمكن أن يبرر اغتصاب فلسطين ولا أن يمنح المستوطنين ظروف التخفيف. وهو الأمر ذاته الذي يتشبث به إلى اليوم عبر بقاع العالم العديد من اليهود أنفسهم ومنهم حاخامات يهود مناهضون للصهيونية أصبح تواجدهم في كل المظاهرات المنددة بالعدوان على فلسطين مألوفا لاسيما ببريطانيا حيث يتقدمون المسيرات بقبعاتهم وضفائرهم المنسدلة حاملين الإعلام الفلسطينية متبرئين من جرائم الصهيونية عبر شعارهم الأثير:«ليس باسمنا!».
إن العدو هو الصهيونية-وحلفاؤها الامبرياليون وعملاؤها من "عرب أمريكا"- التي اغتصبت الأرض وشردت الأهل وقتَّلت الأطفال وليس الدين اليهودي. والقول إن الصراع هو بين المسلمين واليهود، كما يحلو لابن لادن وأتباعه وأشباهه، هو أمر خاطئ ويصب في صالح المنطق الصهيوني وضار بالقضية الفلسطينية. ويكفي لتوضيح الأمر أن نضيف على ما قلناه أعلاه أمران بسيطان لكنهما في غاية الأهمية:
1-الشعب الفلسطيني العربي لا يضم مسلمين فقط بل وأيضا مسيحيين وكلهم كاره للاحتلال مقاوم له بنفس الحَمِيَّة. وأرض فلسطين العربية ومثلما تضم القدس أحد أهم مقدسات المسلمين فهي تضم أهم المقدسات المسيحية على الإطلاق عَنَينا كنيسة المهد وكنيسة القيامة.
2-أصحاب القضية والمناضلون من اجلها ومناصروها إذن بينهم المسلم والمسيحي واليهودي أيضا. فلا ننسين أبدا كل تلك التظاهرات المتعددة الأعراق والأديان والألوان التي انطلقت في كل بقاع العالم إدانة للكيان الصهيوني وتضامنا مع الشعب الفلسطيني. وأعداء القضية (الصهيونية وحلفاؤها وعملاؤها) كذلك بينهم اليهودي والمسيحي والمسلم أيضا. أو ليس مبارك وعبد الله حسين وآل سعود..إلى آخر قائمة العمالة مسلمين؟
عدو واحد معركة واحدة
إن عمالة الأنظمة العربية للكيان الصهيوني ليست محط جدال. لكن لا بأس أن نذكر بأهم محطاتها: فحتى قبل أن يعلن الصهاينة قيام دولة "إسرائيل" سنة 1948 دشن الملك الأردني مسلسل خيانة القضية الفلسطينية بلقاء مع زعيمة الصهاينة غولدا مايير اتفقا خلاله على نصيب كل منهما من فلسطين التاريخية. وسيعود الملك حسين في سبتمبر/ايلول 1970 لمحاصرة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وقتل أزيد من 3500 منهم وطرد المقاتلين الفلسطينيين من "أرضه". أما السادات المصري فقد كان سباقا من جهته للهرولة لتطبيع العلاقة مع الكيان الصهيوني عبر توقيعه لمعاهدة كامب ديفد سنة 1978 وعلى دربه سار مبارك الحريص على مواصلة احكام الطوق على الشعب الفلسطيني بطرق عديدة أوضحها اليوم إغلاقه المستمر لمعبر رفح. ومن جهته عمل نظام الحسن الثاني على دعم المشروع الصهيوني بكل ما أوتي من جبروت ونذكر هنا بعملية التهجير المكثف لليهود المغاربة إلى إسرائيل.
غير ان الحكام العرب وهم يقدمون جميع أشكال الدعم للكيان الصهيوني لا يتوقفون عن ذرف الدموع على الضحايا من الشعب الفلسطيني وهو أمر لا يتفوق فيه عليهم إلا قادة الكيان الصهيوني أنفسهم المتحسرون نفاقا على الأطفال المقتلين.
الأنظمة العربية الرجعية مستعدة، وضدا على إرادة الشعوب بالمنطقة، للقيام بأي شيء تفرضه مصالح أسياد نعمتها الامبرياليين بأمريكا وأوربا. والامبريالية حريصة على الكيان الصهيوني الذي خلقته من عدم ومتحالفة معه. ويقوم التحالف على لعب "إسرائيل" لدور دركي ضد كل صبوات التحرر بالمنطقة الحبلى بالثروات النفطية مقابل الحماية والدعم المادي السخي. والمثال الابرز لدور الدركي هذا جسدته "إسرائيل" منذ 1956 خلال العدوان الثلاثي (بمعية فرنسا وبريطانيا) على مصر حين أعلن جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس، وتواصل تجسيده اليوم عبر انخراطها في حرب الامبريالية ضد ما تسميه الإرهاب.
إن ترابط المصالح بين والصهيونية والامبريالية والرجعيات العربية هو ما يفسر التاريخ الطويل لخيانة الأخيرة لقضية الشعب الفلسطيني. وهو أيضا ما يعني ان النضال من اجل القضاء على الكيان الصهيوني واستعادة الشعب الفلسطيني لأرضه وحريته هو نضال من اجل تحرر كل شعوب المنطقة من التبعية للامبريالية. كما أن معركة كل شعوب المنطقة ضد أنظمتها الاستبدادية العميلة وفي سبيل الحرية والكرامة والسيادة الوطنية تصب في صالح تحسين موازين القوى بالمنطقة لصالح الشعب الفلسطيني. إن نهاية الكيان الصهيوني غير ممكنة دون أن تتملك شعوب المنطقة مصير بلدانها وخيراتها. أي دون ان تصفي الحساب، ثوريا، مع أنظمة القهر والعمالة القائمة بقوة القمع. ولنأخذ العبرة مما يقع في فنزويلا هوغو تشافيز الواقعة في الجانب الآخر من المحيط الأطلسي. ليس صدفة ان يكون هذا البلد الداخل في سيرورة ثورية مناهضة للامبريالية هو من أقدم على أهم خطوة يقوم بها نظام سياسي في العالم حين طردَ سفير الكيان الصهيوني. ولا شك أن أنظمة ديمقراطية حقا ومناهضة حقا للامبريالية وللتبعية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستقوم بأكثر من طرد سفير. إن أنظمة تعبر حقا عن مصالح ومطامح شعوبها في المنطقة ستعمل بلا تردد على دعم مقاومة الشعب الفلسطيني بكل ما تستطيع بما في ذلك الدعم المالي والعسكري، وستعلن الحرب على الكيان الصهيوني مع أول قطرة دم فلسطينية تسفك.
هذا هو الطريق في اعتقادنا. التضامن مع نضال الشعب الفلسطيني ينبغي أن يستمر ويتواصل وألا يغيب عن البال وحدة المعركة ووحدة العدو بين شعوب كل المنطقة: الإمبريالية والصهيونية والأنظمة العربية الرجعية. وفي هذه المعركة ينبغي أن نعي أن كل المناهضين للاستغلال والاضطهاد وللامبريالية وللرأسمالية والعنصرية عبر العالم بأسره هم رفاق درب ونضال أيا يكن لونهم أو عرقهم أو جنسهم أو دينهم.

حميد العزيزي، فصيل «الطلبة الثوريون»، الاتحاد الوطني لطلبة المغرب

هناك تعليق واحد:

bachir jadal يقول...

أنا الصوت المزعج
أنا الصوت المزعج
ليل نهار
أنا الفقر
أنا القهر
أنا المظلوم
أنا المعاناة
أنا الرافض لزماني
ومن الرفض تولد الأشياء
أنا كل شخص سلب حقه
أنا ملبي دعوة
كل مظلوم
كل مهضوم أنا صوته
أنا الداعي لحقوقي
فما ذنبي؟؟
أنا كل صوت محتاج
أنا المعتصم
أمام الإدارة
أمام الحكومة
أمام المسؤولين
أنا الذي يجوب الشوارع
حاملا لافتات عريضة
أهتف شعارات مناضلة
فمن أنت؟؟
أنت الذي
يضع السلاسل في يدي
أنت معتقلي
أنا المناضل؛ أنا المعتقل
أنت من يقف أمامي
أنت من يحمل عصا لضربي
أنت من يقهرني
أنت من يهين كرامتي
أنت من لا يهتم بحقوقي
أنت أوديب
الذي لم يعرف خطأه
فكم من الوقت تحتاج؟؟
كم من الوقت تريد؟؟
لصدي في كل الطرقات...
لقمعي في كل الإضرابات...
لزجي في كل المعتقلات...
لاقتحام منزلي في كل المناسبات...
اضربي...
لجرحي...
لإهانتي...
لهضم حقوقي
لإسكاتي...
فحتى الأصم
بات له صوت
صوت لن تسمعوه أنتم
لن يصل إلى آذانكم
لأنكم في حقيقة الأمر لا تسمعون
آذانكم صماء
لن يصل إليها نداؤنا
و لكن...
ما لا تعرفون
أن لصوتي جذور..
و سيأتي يوم
تسمعون بالرغم منكم
فحذاري من صوتي
حذاري من صوتي
فإنه لا يحب الذين لا يسمعون
حذاري من صوتي
فإنه يكره الإهمال
حذاري من صوتي
فإنه يشق الجبال
و يمتد لأجيال
حذاري مني
أنا المناضل
أنا المعتقل
أنا المسجون
أنا المظلوم
أنا الصوت المزعج
ليل نهار
أنا الفقر
أنا القهر
أنا المظلوم
أنا المعاناة
أنا الرافض لزماني
ومن الرفض تولد الأشياء
أنا كل شخص سلب حقه
أنا ملبي دعوة
كل مظلوم
كل مهضوم أنا صوته
أنا الداعي لحقوقي
فما ذنبي؟؟
أنا كل صوت محتاج
أنا المعتصم
أمام الإدارة
أمام الحكومة
أمام المسؤولين
أنا الذي يجوب الشوارع
حاملا لافتات عريضة
أهتف شعارات مناضلة
فمن أنت؟؟
أنت الذي
يضع السلاسل في يدي
أنت معتقلي
أنا المناضل؛ أنا المعتقل
أنت من يقف أمامي
أنت من يحمل عصا لضربي
أنت من يقهرني
أنت من يهين كرامتي
أنت من لا يهتم بحقوقي
أنت أوديب
الذي لم يعرف خطأه
فكم من الوقت تحتاج؟؟
كم من الوقت تريد؟؟
لصدي في كل الطرقات...
لقمعي في كل الإضرابات...
لزجي في كل المعتقلات...
لاقتحام منزلي في كل المناسبات...
اضربي...
لجرحي...
لإهانتي...
لهضم حقوقي
لإسكاتي...
فحتى الأصم
بات له صوت
صوت لن تسمعوه أنتم
لن يصل إلى آذانكم
لأنكم في حقيقة الأمر لا تسمعون
آذانكم صماء
لن يصل إليها نداؤنا
و لكن...
ما لا تعرفون
أن لصوتي جذور..
و سيأتي يوم
تسمعون بالرغم منكم
فحذاري من صوتي
حذاري من صوتي
فإنه لا يحب الذين لا يسمعون
حذاري من صوتي
فإنه يكره الإهمال
حذاري من صوتي
فإنه يشق الجبال
و يمتد لأجيال
حذاري مني
أنا المناضل
أنا المعتقل
أنا المسجون
أنا المظلوم