الخميس، ١٨ ربيع الأول ١٤٣١ هـ

ثانوية العرفان بتغجيجت-مراسل المدونة من تاغجيجت


في أطراف المغرب المنكوبة، مدارس لا كالمدارس؛ أشبه بالأطلال التي ذكرها امرئ القيس في بداية أشعاره. ورغم ذلك تصر الدولة على تسميتها مؤسسات تعليمية.
يحشر مئات التلاميذ في هذه المؤسسات كما تجمع البهائم في الحظائر، ويتم حبسهم داخل قاعات أشبه بزنازين ضيقة؛ حيث الصراع من أجل الحصول على مقعد- في ظل خصاص مهول- شبه يومي.
إنها المدارس التي يريد أن يدخل بها المغرب ألفية المعرفة وحلبة المنافسة الدولية. مدارس جدرانها تنحب ونوافذها تذرف الدموع من شدة البؤس واليأس من التفاتة المسؤولين لإصلاحها.
إنها مدارس مخططات الإصلاح المتوالية منذ الثمانينات، مدارس الميثاق الوطني للتربية والتكوين والمخطط الاستعجالي. مدارس عنوانها "جريمة المسؤولين في حق أجيال الغد"، ضحايا انتهاكات جسيمة لن تنفع معها لا هيئة إنصاف ومصالحة ولا تعويض وجبر ضرر.
دأبنا على تقديم التقارير التي نتوصل بها من طرف التلاميذ، عن أوضاع المؤسسات المدرسية التي تعمل أبواق الدولة على تعتيمها وإخفاء حالتها المزرية. ففي عز الحملة حول "النهوض بالمدرسة العمومية" و"تجديد الثقة في المدرسة العمومية" تعرف أوضاع المؤسسات التعليمية تدهورا ينذر بكوارث تعليمية وحتى بكوارث إنسانية. فحالة البنيات التحتية التي لا تتم صيانتها قد تنهار بين لحظة وأخرى، مسببة ضحايا في صفوف التلاميذ. فبنية داخلية ثانوية العرفان على سبيل المثال آيلة للسقوط، وتعمد إدارة المؤسسة إلى إخلاء التلاميذ منها وإرسالهم إلى دورهم، كلما صدرت النشرة الإنذارية من حالة الطقس حول قدوم الأمطار الغزيرة. ولكن إلى متى؟
في هذه الظروف غير السليمة يطلب من التلاميذ التفوق والتميز وشتى مصطلحات النفاق الإعلامي المخصص لتبليد واستغباء التلاميذ وأوليائهم الذين يبذلون الغالي والنفيس من أجل ضمان تعليم جيد لأبنائهم.
إليكم هذا التقرير عن أوضاع الثانوية التأهيلية العرفان بتغجيجت. هذه القرية المنسية في أطراف الجغرافيا والموغلة في تاريخ الفقر والحرمان.
القسم الداخلي:
قد يكون من المناسب أن تكون الداخلية تابعة لوزارة الداخلية لشبهها بالسجون. لا تختلف التغذية المقدمة في القسم الداخلي، عن المساعدات الإنسانية المقدمة لضحايا المجاعة في البلدان المنكوبة، وحتى المنحة المضاعفة- التي أقرت مع تطبيق المخطط الاستعجالي- اقتصرت على زيادة خبزة واحدة في الفطور (جازاكم الله خيرا يا مسيري الداخلية، لقد تجاوزتم حاتم الطائي في الكرم).
أما عن البنيات فحدث ولا حرج. فما يسمى بالمرافق الصحية (المراحيض) هي مجرد مرافق مع غياب صفة الصحية، حيث تفتقد للحنفيات (الروبنيات)، ولا تتم صيانتها ولا تنظيفها، إلا مرة في الأسبوع وهي غير كافية. تصورا عشرات التلاميذ يرقدون في مراقد بها مراحيض لا تنظف إلا مرة واحدة في الأسبوع، ويقولون إن "العقل السليم في الجسم السليم".
أما قصة المرقد (D) حيث يأوي تلاميذ الثانوية الإعدادية، فهي دليل على حسن نوايا واضعي المخطط الاستعجالي حول تأهيل المؤسسات التعليمية: فقد كانت قاعة المرقد (D) فيما سبق قاعة للمطالعة وحول إلى بديل للمرقد (B) الذي يتم إصلاحه ولم يتم افتتاحه لحد الآن. في هذا المرقد تغيب الخزانات لحفظ أمتعة التلاميذ.
- زجاج نوافذ المراقد مكسور ولا يتم استبداله ربما لغلائه!! (حيث يحس التلاميذ أنهم يقيمون بسيبيريا وليس بتغجيجت)، كما أن الأسرة متقادمة وتسبب أوجاع الظهر والعنق للتلاميذ (هناك أسرة جديدة مخزنة في إحدى الغرف حتى تحين زيارة إحدى المسؤولين ليتم إخراجها على عجل كما هي عادة جميع مؤسسات الدولة).
- غياب الدوش في الداخلية: الحمام في الخارج بعد العشاء وهو بعيد عن الداخلية.
- غياب الدوش خصوصا بعد ممارسة الرياضة: يتعايش التلاميذ مع رائحة العرق في انتظار الحصة الأسبوعية لولج الحمام الخارجي، ومن لم يستطع فما عليه إلا الاغتسال بالماء البارد، فالماء البارد منعش للجسد.
- غياب المرافق الترفيهية: الداخليون ممنوعون من الدخول إلى مرافق الخارجية خصوصا الرياضية منها.
القسم الخارجي:
- المراحيض مفتقدة للماء
- صنبورين لإرواء عطش كافة التلاميذ: الله أكبر، في هذه المنطقة شبه الصحراوية، لكن الغنية بالمياه الجوفية تجود إدارة المؤسسة على التلاميذ الذين يتعدى عددهم 600 "نسمة" بصنبورين فقط.
- غياب الأنشطة الثقافية
- الاكتظاظ: 43 تلميذ في القسم، وهل هذه ظروف لضمان سير جيد للعملية التعليمة إلى آخر مصطلحات "الزواق والنفاق" حول الكفايات.....
حالات العنف:
عرف تطبيق المخطط الاستعجالي تشديدا للقبضة القمعية على التلاميذ، فالإدارة مدركة أن سوء أوضاع التعليم قد تصحبه نضالات تلاميذية، لذلك أصبح اللجوء إلى ضربات استباقية مألوفا في المؤسسات التعليمة، فتعددت حالات العنف والمجالس التأديبية وقرارات الفصل وتغيير المؤسسة بالمؤسسات التعليمة. هذه بعض النماذج بثانوية العرفان
- طرد التلاميذ من القسم الداخلي: بمبرر الغياب عن الدراسة، طرد تلميذ لأنه لم يحضر هدية للحارس العام (زيت تينزرت)
- الضرب: خصوصا تلاميذ الإعدادي؛ بالتقنية التقليدية: العصا على اليدين
- حالة تلميذة بالثانية باك علوم تعرضت للضرب من طرف أستاذ الإنجليزية (صفع على الوجه وشد الشعر والسب والشتم ونعتها بالعاهرة): رفعت عليه دعوى عند الدرك وتمت المصالحة مقابل 3 آلاف درهم وعلب سكر يدفعها الأستاذ للمعنية: صدق من قال "كاد المعلم أن يصبح رسولا".
ترى من يتحمل المسؤولية في هذه الأوضاع؟ ومن سيتحمل تكلفة الخروج منها؟ إن الدولة التي تجد الأموال كل شيء (المهرجانات، ملاعب الكولف، أجور البرلمانيين والوزراء الخيالية..) لا تجد في صندوقها دراهم قليلة لإصلاح زجاج النوافذ المكسورة وتركيب صنابير الماء بمراحيض الثانويات.

يــــــــا للعـــــــــــــــــــار

هناك تعليقان (٢):

غير معرف يقول...

tout pour efacct taghjijt dans le mond

غير معرف يقول...

tout pour efacct taghjijt dans le mond