الثلاثاء، ١٢ ربيع الأول ١٤٣٢ هـ

مؤسسات التعليم الثانوي بالدار البيضاء العاصمة الاقتصادية : تخريب التعليم فالشمال والجنوب بحال بحال



إن المؤسسات التعليمية سواء في شمال المغرب و جنوبه تعرف أزمات في الوقت الراهن، و خصوصا بعد إصدار المخطط الإستعجالي لتدمير التعليم، يستهدف بالدرجة الأولى تفكيك نظام التعليم في مختلف أسلاكه، رغم كثرة الزعيق حول تعميم التعليم و الحدّ من التباينات و الإختلافات في مجال التعليم بين مختلف ألأقاليم و جهاتها ... لكن الشيئ الذي لا يختلف عليه اثنان أن القطاع تراجع تراجعات خطيرة بالمقارنة على ما كان عليه في الماضي.


هناك من يظن أن المؤسسة التعليمية الحكومية في المدن الشمالية قد تختلف عن نظيرتها بالجنوب، و أن المؤسسات التعليمية في العاصمتين الإدارية و الإقتصادية تختلفان بشكل كبير عن جميع المؤسسات بالجهات الأخرى، لكن و بصفتي تتلمذت بالعاصمة الإقتصادية و عشت بها أرى أن المؤسسات التعليمية هنا هي كنظيرتها في المدن الأخرى بل و حتى يمكن أن تكون أسوأ في بعض الحالات، ذلك أن الحكومة لم تعد تولي اهتمامات إلى التعليم العمومي فقد طغى عندنا التعليم الحرّ، و أصبح معظم البيضاويين يفضلون تسجيل أبنائهم في مدرسة حرة و يبذلون قصارى جهدهم لتغطيت مصاريف التعليم من أجل ضمان تعليم جيد لأبنائهم ففي المدرسة الخصوصية تجد الأساتذة الأكفاء، لا يضرب الأساتذة عن الشغل و لا يتغيبون كثيرا كما في المدارس الحكومية، و الجو في هذه المدارس مناسب للدراسة فتجد الطاولات و الكراسي بيضاء و الألوان التي تفتح النفس على الدراسة و بعث البهجة في قلوب التلاميذ، فهذء المدارس تعرف كيف تجذب انتباه التلاميذ، و في المدارس الخصوصية لم تعد أغلبها تستعمل سبورة الطباشير و جاء مكانها السبورة البيضاء بل و حتى أن بعض هذه المدارس أصبحوا يستخدمون سبورة تعتمد على اللمس. لقد أصبحت الدولة تعطي تسهيلات كثيرة لمثل هذه المشاريع حيث أضحت تعفيهم من الضرائب بشكل كامل. إن الحكومة لم تعد على ما أظن قادرة على تحمل كل هذا العدد من التلاميذ، ففي هذه المدينة المليونية عجزت الحكومة على إعطاء حق التعليم الجيد لكل طفل يعيش بها، أو ليست هذه هي العاصمة الإقتصادية، ألا يجب أن تنعكس خيراتها على مدارسها و بناها التحتية بصفة عامة، إن البنيات التحتية في هذه المدينة أغلبها موجودة منذ عهد الإستعمار، و خصوصا المدارس التعليمية. ففي الثانوية التي أدرس و التي هي من كبرى الثانويات في كبرى مدن المملكة، بنيت منذ عهد الإستعمار لم تقم الحكومة بأي إصلاحات في المدرسة، هذا حسب شهادة بعض الأساتذة، بفضل بعض الأندية كالنادي البيئي مثلا أحدثت بعض الإصلاحات بثانويتي، أنشئ هذا النادي مؤخرا في المدرسة تحت إشراف بعض الأساتذة الذين يستحقون التكريم على ما فعلوه هذا إذا كان ما فعلوه لوجه الله فعلا و ليس في سبيل الحصول على رضى الإدارة.


إن التلاميذ و للأسف لا يعرفون حتى ما هي أبسط حقوقهم، لا يعرفون أن من حقهم الدراسة داخل محيط نظيف في جوّ هادئ بعيد عن الضوضاء و التوتر على طاولات مريحة مثل الآخرين الذين يدرسون في المدارس الخاصة، فإذا ما ذكرت لهم هذا يقولون أنه لا يمكن للمدرسة الحكومية أن تكون أفضل من ما هي عليه لأنها ملك للدولة، مثلما أن الشارع هو ملك للدولة، فهل هذا يعني أنهما يجب أن يكونا فضائيين متشابهين، إننا في هذه الأيام الأخيرة التي تعرف انخفاضات في درجة الحرارة أصبحنا نجلس في القسم نتجمد من البرد، و كأننا في الشارع، وياويلتك لو صادفك في صباح بارد قسم في الطابق العلوي ذو نافذة مكسورة، فإنك بهذا ستكره العلم و الدراسة.


و كما قلت سابقا، فالحكومة لم تعد تولي اهتمامات للمدارس الحكومية فهذا داخل ضمن سياستها لتقليص من عدد المدارس الحكومية و خفض ميزانيتها، و أصبحت الحكومة تتمنى لو أن 'البيضاويين يفهموا راسهم و يدخلوا ولادهم للمدارس الخاصة.

إن المخطط الإستعجالي لإصلاح التعليم و الذي جيئ به لإصلاح منظومة التعليم، لا أراه يركز سوى على محاربة ظاهرة ترك فصول الدراسة التي تشهدها بعض المناطق مؤخرا، و ذلك راجع لسبب بعد المدرسة عن التلميذ. أما فيما يخص إصلاح المناهج التعليمية و تجديدها، فبغظ النظر عن المشاكل التي نعانيها فيما يخص البنى التحتية و التي أشرنا لها سابقا، فإن المناهج التي ندرسها تفتقر للتجديد، فالدروس التي ندرسها لم يعد معمول بها على الصعيد العالمي، كما أن العلم في تجدد مستمر كل ساعة و نحن لا نزال ندرس ما وصل إليه العلم قبل عشرات السنوات، هناك بعض الدروس التي ندرسها معقدة و غير مفيدة لنا في شيئ، لا في حياتنا الدراسية أو العملية أو الفكرية.و هذا لست أنا من أقوله، بل إن بعضا من أفضل أساتذتي هم من ينبهوننا لهذا المشكل، فهو يدرّسوننا دروسا و هو مقتنعون أن هذه الدروس بدون فائدة تذكر، فقط حبر على ورق، و غير داخلة حيز التطبيق، فالمناهج التعليمية في المغرب هي من أصعب المناهج عالميا.

هناك من يظنون أننا نحن تلاميذ المدن الكبرى نتمتع بتعليم ذو مستوى عالي مقارنة معهم، الشيئ الذي يسمح لنا بالحصول على مراكز أفضل و أرقى من التي يمكن أن يحصلوا عليها، لكن يجب أن لا ينسوا بأن النظام هو نفسه، فالمناهج التي يدرسونها هي تماما ما ندرسه نحن أيضا الشيئ الذي يعطي نفس الحصيلة
.

فاطمة-casa

ليست هناك تعليقات: