السبت، ٧ ذو الحجة ١٤٣١ هـ

التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة

لقد بينت التجربة الميدانية لأقسام الدمج المدرسي للتلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة بقطاع التعليم العمومي السائر نحو الانمحاء ، أن تلك الفئة من التلاميذ لا تختلف عن بقية التلاميذ العاديين في كونهم جميعا ضحايا سياسة تعليمية غير ديمقراطية وغير شعبية . إن هرولة وزارة التربية والتكوين إلى الانفتاح على الأطفال في وضعية إعاقة ، خصوصا ذوي الاحتياجات الخاصة منهم ، لم يكن قصد إخراج هذه الفئة من أبناء المغاربة التي تعيش منذ عقود في الظل والاستعمال في التسول والاسترزاق ، وتخصيص لهذه الفئة الرعاية الكاملة تتكفل بها الدولة ، بل جاء نتاج سياسة تسويق رسمية لثقافة حقوق الإنسان بالخارج والاستفادة مما يمن به هذا الخارج من مساعدات جراء ذلك التسويق الفارغ من أي مضمون .

فالخطاب التربوي الرسمي المستند لمرجعية ميثاق التربية والتكوين وبرنامجه الاستعجالي في مشروعه رقم 7 الخاص بفئة الأطفال في وضعية إعاقة ، وكذا الحقوقي بشكل عام لا يعكسان واقع الحال الذي يتخبط في المشاكل ويفضح ذلك الخطاب الرسمي . فالترسانة القانونية وكل الاتفاقات الوطنية المشتركة التي أبرمت بصدد الأطفال في وضعية إعاقة ) أطفال الشوارع – الأحداث السجناء – التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة ( ، لم تكن سوى حبرا على ورق ، الأمر الذي زاد من تكريس المقاربة الاحسانية التي سجنت داخلها هذه الفئات من الأطفال في وضعية إعاقة منذ أمد بعيد والمعززة من طرف الفكر الديني السائد .

يبين وضعه الأطفال في وضعية إعاقة أن لا شيء تغير وان الجعجعة التي أحدثها النقاش الرسمي وغير الرسمي في أوساط الجمعيات المهتمة بالإعاقة والتي اغلبها يستعمل الإعاقة من اجل الاسترزاق ،حول حقوق أولائك الأطفال كانت بلا طحين . كل ما أنجز في هذا المجال لا يتجاوز الشكليات وتعريض هؤلاء الأطفال إلى مزيد من الإهانة والشفقة ، الأمر الذي يجعلهم إلى جانب إخوتهم العاديين ضحايا سياسة تعليمية تتبرأ من الاستمرار في تمويل التعليم ، ولا تستثني أحدا من الكادحين .

في هذا الإطار يظهر مفهوم الدمج المدرسي كهدف يستحيل الوصول إليه في الشروط التعليمية السائدة اليوم بما يسمونه بالمدرسة المغربية الجديدة. فتواجد أقسام الدمج بالمؤسسات التعليمية اليوم لا يعني أن التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة سائرون نحو الإدماج في الأقسام العادية. فهذه العملية في الواقع غائبة، وان تمت في مؤسسة تعليمية ما فان ذلك لن يشكل سوى استثناء. إن دمج التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة في الأقسام المستقبلة غير ممكن بالمرة، وذلك لسبب رئيسي وهو اكتظاظ تلك الأقسام وندرة التكوين لفائدة لا أساتذة الدمج المدرسي أنفسهم ولا للأساتذة المستقبلين.

لقد انطلقت عملية انفتاح المؤسسة التعليمية على التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة منذ أواخر التسعينات ، لكن الحصيلة كانت ، وفي سياق تملص الدولة من تعليم وتربية أبناء المغاربة ، صفرا ، إذ تمر السنوات الدراسية والتلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة يكبرون في نفس القسم ، وحين يصلون إلى سن معينة تقذف بهم المؤسسة التعليمية إلى الخارج ليواجهوا مصيرهم بأنفسهم أو بمعية أهلهم المفقرين والمغلوبين على أمرهم .

إن هجوم الدولة ، دولة وكلاء الرأسماليين الكبار ، على الخدمات العمومية من تعليم وصحة ونقل وسكن وماء وكهرباء ، لم يستثن أحدا من الطبقات الدنيا الكادحة ، والرعاية الاجتماعية التي يتطلبها وضع الأطفال في وضعية إعاقة لن تكون بالمرة من انجاز نظام سياسي واقتصادي مبني على الاستغلال الفاحش للإنسان والخيرات .

ليست هناك تعليقات: