الجمعة، ٢٢ شوال ١٤٣١ هـ

الحركة التلاميذية بإفران الأطلس الصغير: النشأة، الواقع و الآفاق




إننا على وعي تام بأن الحركة التلاميذية هي المدرسة الأولى التي يمر عبرها كل مناضل و مناضلة باعتبارها مجالا للتكوين و اكتساب روح التضامن و تحمل المسؤولية و الوعي بضرورة النضال لانتزاع الحقوق. و بعد استشعارنا لما يهدد الحركة من تشتت في الآونة الأخيرة، ارتأينا كتابة هذه الورقة لنحاول ما أمكن أن نسرد فيها سياق نشأة و ظهور الحركة و كذا تسليط الضوء على واقعها و أفقها النضالي.
1- نشأة الحركة التلاميذية بافران أ-ص (2001-2002 / 2002-2003)
ارتبط ظهور الحركة التلاميذية بافران أ-ص بالتحاق تلامذة افران إلى ثانوية بئرانزران بإفران أ-ص بعد أن كانوا يتابعون دراستهم بثانوية الحسن الثاني ببويزكارن التي كانت تعرف حركة تلاميذية قوية بحكم طبيعتها كمجال يلتقي فيه تلاميذ مجموعة من المناطق (افران، بويزكارن، تغجيجت، تيمولاي، أداي) مما ساهم في بروز وعي نضالي لدى ثلة من تلاميذ افران الذين كانوا بمثابة الشرارة الأولى التي أشعلت فتيل النضال من داخل افران و بالخصوص داخل الحركة التلاميذية. فبحكم مجموعة من المشاكل التي واجهها التلاميذ أبرزها غياب ثانوية تأهيلية مستقلة و مشكل الاكتظاظ بسبب نقص في القاعات و قلة الأطر ثم مشكل الإيواء و التغذية بالقسم الداخلي، قام التلاميذ ببلورة أشكال نضالية كان أبرزها معركة رمضان التي استمرت أكثر من أسبوع انتزعت من خلالها الحركة مجموعة من المكتسبات أهمها بناء قاعات إضافية، تحسين ظروف القسم الداخلي، إصلاح بعض المرافق الصحية، إضافة إلى فرض العديد من الأنشطة الثقافية و الإشعاعية كتخليد ذكرى الربيع الامازيغي و السنة الامازيغية. و رغم ذلك فالمسيرة النضالية لهذه الحركة لم تخلو من عراقيل أهمها مثول العديد من المناضلين أمام المجلس التأديبي بالمؤسسة و إرسال استدعاءات لآباء و أولياء التلاميذ موقعة من طرف قائد قيادة افران أ-ص، إضافة إلى التهديد بالفصل الكامل من الدراسة. إن مناضلي الحركة لم ترهبهم أساليب القمع التي تنهجها الإدارة بل استمروا على نهجهم النضالي بالإضافة إلى تنظيم مسيرة تضامنية مع الشعب العراقي تنديدا بالسياسات الاستعمارية الأمريكية.
2- جزر الفعل النضالي للحركة التلاميذية (2003-2004 / 2004-2005)
عرفت التجربة النضالية تراجعا كبيرا خلال هذه المرحلة نظرا لان اغلب طلائع الحركة التحقوا بالجامعة مما أدى إلى تدني الوعي النضالي من جديد لغياب الخلف. فزاد الطين بلة ما تمارسه الإدارة من شتى أنواع القمع و الترهيب المادي و المعنوي على التلاميذ.
3- عودة على بدء ... (2005-2006 / 2006-2007)
بعد الانعطافة الكبيرة التي عرفتها التجربة، طرح النقاش من جديد من قبل مجموعة من المناضلين الذين سبق لهم أن واكبوا البدايات الأولى للحركة، فبدأ هؤلاء بتنظيم اجتماعات موسعة داخل المؤسسة لتدارس الوضعية الراهنة التي تتخبط فيها الثانوية. كانت خلاصات هذه الاجتماعات تتمثل في ضرورة الدخول في معارك نضالية للضغط على المسئولين من اجل الاستجابة لمطالب التلاميذ، و أتى الملف المطلبي على الشكل التال ي: الاستفسار عن مصير ثانوية "المختار السوسي" المقرر بدئ الأشغال فيها منذ 2003. تحسين وضعية القسم الداخلي. بناء قاعات إضافية لتجنب مشكل الاكتظاظ. إصلاح المرافق و الملاعب الرياضية و توفير قاعة للمداومة. توفير قاعة للإعلاميات علما أن المؤسسة تتوفر على أستاذ للإعلاميات. الاستفسار عن مصير 7 حواسيب كانت بالمؤسسة. توفير آلة للنسخ و إغناء الخزانة المدرسية بالكتب. إصلاح النوافذ و توفير الإنارة بالقاعات. تجهيز المختبر الذي لم يتم تجديد أدواته منذ أن تم فتح أبواب الإعدادية. تفعيل الأنشطة الموازية من قبل التلاميذ ...
رغبة في تحقيق هذه المطالب، قامت الحركة التلاميذية بخوض أشكال نضالية راقية عبرت من خلالها عن استيائها إزاء هذا الوضع الذي لا يوفر أدنى شروط التحصيل العلمي. هذه النضالات المعبر عليها بمقاطعة شاملة للدروس و بوقفات احتجاجية أمام الإدارة رفعت فيها شعارات منددة بالميثاق "الوطني" للتربية والتكوين باعتباره مخططا طبقيا يروم إلى ضرب جودة و مجانية التعليم، و شعارات أخرى تمت فيها المطالبة بالاستجابة للمطالب و بتعليم شعبي ديمقراطي. نضالات اعتبرتها الإدارة تحريضا على القيام بأعمال الشغب مما يعرض – على حد تعبيرهم – ممتلكات الدولة للتخريب فقامت بإرسال استدعاءات لآباء و أولياء مناضلي الحركة التلاميذية و تم تهديد التلاميذ بإعطائهم نقط موجبة للسقوط. لكن أسلوب التهديد و الترهيب لم يوقف المسيرة النضالية. كما لجأت الإدارة إلى أسلوب جديد بمحاولة إغراء مناضلي الحركة التلاميذية بالاستفادة من بطاقات الإعلاميات مجانا (يقدر ثمن البطاقة الواحدة ب 500 درهم) إضافة إلى الحصول على معدلات جيدة في نقطة المواظبة و السلوك، هذا مقابل التراجع عن "أعمال الشغب"، إلا أن مناضلي الحركة رفضوا كل الإغراءات و لم ينهزموا أمام التهديدات بل تمسكوا بمطالبهم العادلة و المشروعة. دامت المعارك النضالية التي خاضتها الحركة التلاميذية 20 يوما دخل بعدها مناضلو الحركة في عدة حوارات مع المسئولين. كانت البداية مع الإدارة ثم مع رئيس مصلحة الشؤون المالية و الاقتصادية بالنيابة الإقليمية ثم مع رئيس جمعية آباء و أولياء التلاميذ و كذا مع رئيس المجلس القروي، ثم دخل منتدبون عن الحركة إلى مجلس تدبير المؤسسة. أسفرت هذه الحوارات عن تحقيق مكتسبات أهمها:
بناء ثلاث قاعات. توفير آلة النسخ. إصلاح و إضافة مرافق صحية جديدة. توفير قاعة خاصة بالإعلاميات ومباشرة العمل فيها. تحسين أوضاع الداخلية والزيادة في عدد الاسرة وبناء مرقد جديد دو قدرة إستعابية تناهز 60 سرير. فتح أبواب الخزانة أمام التلاميذ. تجهيز المختبر. تجهيز المرافق الرياضية. إصلاح النوافذ وتجهيز بعضها بالستائر و توفير المصابيح. تفعيل الأنشطة الموازية من طرف التلاميذ عبر تشكيل مجموعة من النوادي داخل المؤسسة: نادي المواطنة، نادي التلميذ، نادي التقاليد والتراث المحلي، نادي البيئة، نادي الإمام ورش. فتم تفعيل مجموعة من الندوات من قبل التلاميذ من بينها: ندوة حول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. اتفاقية حقوق الطفل. ندوة حول اضطهاد المرأة: العمل المنزلي نموذجا. عرض شريطين حول الهجرة السرية و مناقشتهما. عرض حول الخدمات الاجتماعية : التعليم، الصحة، التشغيل و صندوق المقاصة. ندوة حول الربيع الأمازيغي. تصوير روبورطاج حول المرأة الإفرانية من طرف تلميذات المؤسسة و عرضه. عرض فيلم أمازيغي (حمو نامير) ومناقشة أبعاده الأسطورية.
لكن رغم كل هذه المكتسبات فان الحركة التلاميذية تصادفها مجموعة من العراقيل و التحديات أهمها : كون الثانوية غير مستقلة عن الإعدادية مما يخلق مشاكل في التنظيم. نقص في الوعي النضالي لدى التلاميذ. أغلبية التلاميذ يغادرون المؤسسة في أيام المعارك النضالية ولا يستمرون إلى آخر المعركة. عدد الفتيات المناضلات شبه محدود. تهديد الإداريين للتلاميذ أثناء الوقفات الاحتجاجية و المعارك النضالية. مواقف بعض الأساتذة المعادية للتلاميذ من قبيل أستاذ يريد أن يصبح الكل في الكل داخل المؤسسة بحكم موقعه كمنسق للأنشطة و الذي يعرقل أنشطة التلاميذ و يمارس الرقابة اللامحدودة حسب أهوائه. ضغوطات الآباء على التلاميذ. غياب امتداد نضالي للحركة التلاميذية خارج أسوار المؤسسة حيث تبقى حبيسة أسوارها. غياب حركة نضالية قوية بالمنطقة. نقص التوجيه و التأطير للحركة التلاميذية. عدم إجراء تقييمات لتجارب المواسم الدراسية السابقة نظرا لغياب العمل التوثيقي. غياب تنسيقات لتبادل التجارب النضالية للحركات التلاميذية بالإقليم أو الجهة.
كل هذه المشاكل ستنعكس على الأفق النضالي للحركة التلاميذية خصوصا و الحركة النضالية بافران أ-ص عموما و تبقى الإمكانيات الذاتية شبه محدودة بالمنطقة لكن أبنائها قادرون على حمل مشعل النضال و تحمل مسؤوليتهم. و تتمثل إستراتيجية العمل الكفيلة باستمرار نضالية هذه الحركة في توحيد الجهود بين التلاميذ و الطلبة و التنسيق بينهم و تأطير التلاميذ و إمدادهم بالخبرات و توعيتهم بضرورة العمل النضالي داخل المؤسسة و خارجها. ثم ضرورة إيجاد وسيلة للتنسيق بين الحركات التلاميذية بالإقليم و الجهة لتبادل التجارب و توحيد النضالات عبر تنظيم منتدى إقليمي أو جهوي كخطوة أولية.
ي.ا. و ح.م.
بإفران الأطلس الصغير
المصدر : التوجه النقابي الكفاحي

ليست هناك تعليقات: